لوزيرة حنون تسحب ترشحيها وتقاطع الانتخابات الرئاسية في الجزائر بسبب ما وصفته بـ "التهديد والاستهداف الشخصي لها" وتتهم سُلطة الانتخابات بـ"الفشل التام"
أعلنت الأمينة العامة لحزب العمال في الجزائر، لويزة حنون، رسميا عدم مشاركة الحزب في المسار الانتخابي المتعلق بالرئاسيات المقبلة كليا، وعدم التصويت فيها يوم 7 سبتمبر المقبل.
قالت زعيمة حزب العمال في الجزائر لويزة حنون، إن انسحابها من سباق الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة شهر شتنبر المقبل، راجع لكونها "تمتلك معلومات خطيرة عن استهدافها شخصيا في عرقلة جمع التوقيعات بغرض إقصائها من الترشح"، موردة أن بعض المنتخبين تلقوا "تهديدات وضغوطات" من جهات لم تسميها حتى لا يمنحوها توقيعاتهم.
وأعلنت حنون التي كانت قد سجنت تسعة أشهر في أعقاب انطلاق احتجاجات الحراك الشعبي عام 2019، السبت سحب ترشحها ومقاطعة الانتخابات الرئاسية المقررة في 7 شتنبر المقبل، موردة في بيان قرأته على موقع الحزب "أعلن رسميا عدم مشاركة الحزب في المسار الانتخابي المتعلق بالرئاسيات المقبلة كليا، ووقف حملة جمع تزكيات الناخبين الداعمة لترشحي وعدم المشاركة في الحملة الانتخابية وفي عملية التصويت".
وعزت حنون قرار المكتب السياسي لحزب العمال الذي يأتي غداة إعلان الرئيس عبد المجيد تبون نيته الترشح لولاية ثانية، إلى وجود "نية لإقصاء مرشحة حزب العمال من الرئاسيات، وبالتالي مصادرة حرية الترشح للانتخابات"، بناء على "المعلومات الخطيرة التي بحوزتنا والوقائع التي تأكدنا منها". بدون توضيح هذه المعلومات.
ويفرض القانون على كل مرشح جمع 50 ألف توقيع من المواطنين المسجلين ضمن القوائم الانتخابية من 29 ولاية على الأقل، بحيث لا يقل عدد التواقيع من كل ولاية عن 1200 توقيع، أو تقديم 600 توقيع فقط من أعضاء البرلمان والمجالس المحلية، وذلك قبل منتصف ليل 18 يوليوز.
واتهمت حنون، التي سبق أن ترشحت للانتخابات الرئاسية ثلاث مرات سنوات 2004 و2009 و2014 في منافسة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بـ"الفشل التام" في تسيير عملية جمع التواقيع، مؤكدة أن هذه المشاكل "سياسية بامتياز وليست تقنية، وجد خطيرة إذا أضفنا لها برمجة الحملة الانتخابية في منتصف شهر غشت المقبل". مع ارتفاع درجات الحرارة.
واعتبرت حنون، وهي شخصية سياسية تنشط في الساحة منذ عهد السرية فترة الحزب الواحد، حيث كانت ضمن التيار التروتسكي الذي تطور لإنشاء حزب العمال بعد تدشين عهد التعددية الحزبية بداية التسعينيات، وظلت حاضرة في واجهة المشهد تتزعم حزبها اليساري منذ نحو 30 سنة، أن هذه المشاكل ستحول "اقتراعا جد هام كان من المفروض أن يحدث قطيعة مع الممارسات البالية إلى مجرد إجراء شكلي، يفاقم التشكيك والنفور الشعبيين اللذين عكستهما نسبة امتناع عن التصويت غير مسبوقة منذ الانتخابات الرئاسية لسنة 2019". حيث بلغت النسبة 39,8 بالمئة.
وسبق لحنون أن اشتكت منذ بدء عملية جمع التوقيعات من وجود عراقيل وضغوطات سياسية، وهو ما عبرت عنه في مراسلتين سبق ووجهتهما إلى السلطة الوطنية للانتخابات، قالت فيهما إنه على "عكس التصريحات والإعلانات التي تؤكّد جاهزية البلديات لاستقبال المواطنين الموقّعين على استمارات الترشح، فقد سجلنا غياب الظروف المادية والتقنية منذ التاسع من حزيران، حيث كان من المفروض أخذ كل التدابير الضرورية قبل الانطلاق الرسمي لعملية جمع التوقيعات".
وكانت حنون أكدت عند إعلان قرار حزبها ترشيحها في ماي أن هذه المشاركة تمثل "انتصارا للديموقراطية"، مشيرة إلى أن حملتها الانتخابية لن تكون "دفاعية" بل "هجومية".، بيد أنها عادت السبت لتؤكد أن المشاركة " لا تعكس بأي شكل من الأشكال أي أوهام حول طبيعة الاقتراع، بالنظر إلى الإطار التشريعي التقهقري واللاديموقراطي (...) بالإضافة للظروف السياسية العامة التي تتميز بغلق المجالين السياسي والإعلامي".
والخميس أعلن الرئيس المنتهية ولايته عبد المجيد تبون أنه يعتزم الترشح لولاية رئاسية ثانية، وقوبل هذا المستجد بترحيب وتهليل كبير من طرف أحزاب الأغلبية، التي تعهدت بمواكبة حملته الانتخابية وحث كافة ومناضليها داخل وخارج الجزائر بالتصويت لصالحه بوصفه "الأقدر والأنسب" لقيادة البلد، سيّما وأنه أكبر الداعمين للجبهة الانفصالية البوليساريو.
وبات يعبد المجيد تبون يحظى بدعم الأغلبية الساحقة من نواب غرفتي البرلمان، أيضا بعد التحاق كتلة الأحرار، المتضمنة للنواب المستقلين وممثلي المجتمع المدني، بقافلة المساندين له تحت مبرر أنه يحظى "بقدرات قيادية ورؤية حكيمة ساهمت في تحقيق العديد من الإنجازات خلال الفترة السابقة للبلاد، وأن استمراره لعهدة رئاسية ثانية سيعزز الاستقرار والتنمية وسيسهم في تحقيق المزيد من التقدم والازدهار للشعب"، داعين الشعب بكل مكوناته إلى "المشاركة القوية في هذا الاستحقاق الهام، تعزيزا للاستقرار السياسي والمؤسساتي لبلادنا" وفق تعبير بيان أصدروه بالمناسبة.
ومقابل هذه التعبئة الرسمية والشرسة لتبّون، والتي تُحيل إلى أن نتيجة الانتخابات الرئاسية محسومة سلفا يُواجه منافسوه على كرسي الرئاسة وضعا صعبا، وتحديات بيروقراطية كبيرة وغير مفهومة السياق تحول دون تمكنهم من جمع التوقيعات اللازمة للترشح، بسبب ما وصفته بـ "الإجراءات الثقيلة المفروضة على المواطنين لمنح توقيعاتهم للمرشحين".
وكانت المعارضة الجزائرية حنون قد سُجنت في ماي 2019، في أعقاب انطلاق الحراك الشعبي، بعد اتهامها بـ"التآمر" ضد الدولة والجيش. وفي العام 2021 أصدرت المحكمة حكما بالبراءة من تهمة "التآمر على الجيش وسلطة الدولة" بحق كل من سعيد بوتفليقة والمديرين السابقين للاستخبارات الفريق محمد مدين واللواء عثمان طرطاق ورئيسة حزب العمال لويزة حنون.




